40 عاما على رحيل العميد الركن محمد إبراهيم الشاعر "أبو وفيق"

تابعنا على:   13:29 2023-01-14

أمد/ رام الله: تصادف، في هذه الأيام، الذكرى الأربعين لرحيل العميد الركن محمد إبراهيم الشاعر "أبو وفيق"، أول سفير لدولة فلسطين لدى الاتحاد السوفيتي سابقا.

ولد محمد إبراهيم عبد الخالق الشاعر في مدينة يافا عام 1928 لأسرة معروفة بحبها ورعايتها للعلم، فجده عبد الخالق الشاعر هو أول من أسس مدرسة نظامية لتعليم اللغة العربية وآدابها في يافا عام 1860.

أنهى الشاعر دراسته الثانوية في المدرسة الإبراهيمية في القدس عام 1946، ثم التحق بجامعة الإسكندرية لدراسة الهندسة المعمارية، إلا أنه ترك دراسته والتحق بجيش الإنقاذ ضمن صفوف الثوار المدافعين عن عروبة فلسطين أمام الهجمات الصهيونية، فكان في عداد الفوج الأول من المقاتلين الذين تدربوا على أيدي المتطوعين اليوغوسلافيين الذين قدموا إلى مدينة يافا عام 1947، وفي نفس العام تم ترشيحه من قبل اللجنة القومية في يافا للدراسة العسكرية في سوريا، حيث التحق بالكلية الحربية السورية.

ومع حلول نكبة عام 1948، بقي الشاعر في الجيش السوري، حيث تدرج فيه حتى وصل إلى رتبة العميد الركن، بعد أن اجتاز عدة دورات عسكرية، بعدها التحق بدورة أركان الحرب، ليحصل على درجة الماجستير في العلوم العسكرية.

لقد أمضى الشاعر فترة خمس سنوات لاجئا سياسيا خارج سوريا، درس خلالها الاقتصاد السياسي في جامعة صوفيا ببلغاريا.

في الوقت نفسه، التحقت زوجته وفيقة حمدي الشاعر، من مواليد يافا أيضاً، للدراسة في جامعة صوفيا، لتحصل على دبلوم الأدب الروسي، وتصبح ثاني امرأة عربية تحصل على هذه المرتبة العلمية الرفيعة في التخصص بعد كلثوم عودة، التي يتواجد ضريحها في مقبرة العظماء بالعاصمة الروسية موسكو.

أما أم وفيق، والتي كانت صديقة شخصية لأول رائدة فضاء في العالم فالنتينا تيريشكوفا، فقد توفيت في موسكو، ودفنت في عمّان إلى جانب رفيق عمرها أبو وفيق.

وحتى اليوم، لا زالت الخارجية الروسية تشهد أن السفير الفلسطيني وزوجته كانا من أبرز الناشطين الدبلوماسيين، حيث تكللت أنشطتهم بأرفع مراتب النجاح في أداء مهمتهم، وترسيخ العلاقات السوفيتية العربية.

عيّن الشاعر مدير الممثلية في الاتحاد السوفيتي عام 1976، عندما تم افتتاح أول ممثلية لمنظمة التحرير الفلسطينية في العاصمة موسكو عام 1974، وبقي في هذا المنصب حتى عام 1983، بعد أن تحولت الممثلية إلى بعثة دبلوماسية فلسطينية، فأصبح حينها سفيرا لفلسطين لدى الاتحاد السوفيتي.

ولقد كان الشاعر عسكريا رفيعا وسياسيا صلبا في صفوف النضال الفلسطيني والعربي ضد الاستعمار والاحتلال الصهيوني، وهو أول من أسس معسكر للتدريب على أصول الحرب الفدائية في لبنان بمدينة "كيفون".

وساهم الشاعر، من خلال موقعه في موسكو، في توثيق روابط الصداقة بين الاتحاد السوفيتي ومنظمة التحرير الفلسطينية.

وعلى الرغم من معاناته من مرض عضال ألمّ به في موسكو لفترة طويلة، إلا أنه كان يصرّ على متابعة مهماته رغم مشقات العمل الدبلوماسي والسياسي المنوطة به.

كما شارك الشاعر في تأسيس جيش التحرير الفلسطيني عند إنشائه في سوريا بعد تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964. وبعد حرب عام 1967، تم استدعاؤه للخدمة في الجيش العربي السوري من جديد، وتسليمه مؤسسة التحصينات العسكرية لبناء وتعزيز الجبهة لمواجهة إسرائيل، وبعدها إنشاء مؤسسة الإنشاءات العسكرية التي تقوم بتنفيذ الإنشاءات العسكرية التابعة لوزارة الدفاع السورية، والتي ظل يشرف عليها لسنوات طويلة، فكانت أفضل مؤسسة في قطاع الإنشاءات في سوريا، وتميزت في كل ما قامت به من أعمال إنشائية ضخمة.

وكان الشاعر يحمل درجة الدكتوراه في العلوم التاريخية من أكاديمية التاريخ العسكري في موسكو، كما كان عضوا في المجلس الوطني الفلسطيني.

وقد أصبح الشاعر رئيساً لاتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين فرع سوريا، وله عدة مؤلفات سياسية وعسكرية نذكر منها: الألغام 1950، والألغام والمصائد والمتفجرات 1951، والهندسة العسكرية المصورة – 1954، وبرمجة الاقتصاد الوطني في الجمهورية العربية المتحدة  1965، والتخطيط الاقتصادي والعسكري في إسرائيل 1966، والحرب الفدائية في فلسطين على ضوء تجارب الشعوب في قتال العصابات، الطبعة الأولى 1967، وتطور القوى العربية الأمامية إلى وحدات اقتصادية دفاعية  1968، ونحن والعدو والعمل الفدائي 1969، وجغرافية فلسطين العسكرية، الطبعة الأولى 1969، والاقتصاد الحربي، ونظرية الاحتمالات في فن السياسة والحرب وكتب أخرى.

انتقل الشاعر إلى رحمة الله تعالى بداية شهر كانون الثاني من عام 1983، ودفن في عمان. وقبل رحيله بأيام، كتب رسالته الأخيرة بخط يده، والتي تضمنت وصيته التي جاء فيها:

"إنني أعرف أنني قد أعيش يوماً أو يومين، هذا الإحساس صعب جداً لكنه لا يؤلمني. يؤلمني أنني كنت أتمنى أن أنتهي في ساحة المعركة مقاتلاً في سبيل أرضنا الحبيبة فلسطين، في سبيل أن يعم السلام في العالم.

إن فلسطين لنا، وستبقى لنا. ويوم العودة قريب، وهذا يريحني جدا.

أتمنى لكم التوفيق في أداء هذه الرسالة الخالدة، وأرجو أن أدفن في أقرب قرية لفلسطين، على أن أنقل بعدها إلى فلسطين، وإنها لثورة حتى النصر.

أخوكم محمد إبراهيم الشاعر".

وقد نعت منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح إلى جماهير شعبنا الفلسطيني والأمة العربية العميد الركن الدكتور/ محمد إبراهيم الشاعر (أبو وفيق)، أول سفير لفلسطين في الاتحاد السوفيتي بالكلمات التالية:

"عهداً لك يا أبا وفيق أن فلسطين لنا وستظل لنا".

كلمات دلالية

اخر الأخبار