التاريخ يكتبه المنتصرون

تابعنا على:   07:27 2023-09-17

الصحفى: جلال نشوان

أمد/ عندما ذهب الوفد السوداني في الخمسينيات لمقابلة ملكة بريطانيا والتفاوض على استقلال السودان وخروج الإنجليز من السودان برئاسة الزعيم اسماعيل الأزهري ، تعمد الأزهري الجلوس على عرش و كرسي ملكة بريطانيا ، ولفت الأمر مدير البروتوكول ، فدنا من الزعيم الأزهري وهمس في أذنه ، بأنك جلست بمقعد الملكة
لكن الأزهري انتفض قائلاً :
(لقد تعمدت أن أجلس على عرش ملكتكم ولم تطيقوا جلوسي لدقائق قليلة ، بينما تجلسون على عرش بلادي خمسة وخمسون عاماً !!!! )
فاهتزت القاعة بالتصفيق الحاد ،وفي اليوم التالي تناولت الصحف البريطانية هذا الموقف وبدات بريطانيا فيما بعد الجلاء عن السودان
واليوم تدور الحرب رحاها في السودان ، تحركها في المقام الأول أجندة ذاتية تخص البرهان وحميدتي، أجندة الاستحواذ الكامل على السلطة ومحاولة كل منهما قطع الطريق على الآخر. فبعد سنين من قدرتهما المشتركة على معالجة الطموحات المتناقضة والمتعارضة بينهما بسلمية، وصلت اليوم طموحاتهما المتناقضة إلى نقطة اللاعودة والتي يبدو أنها لم تترك أمامهما أي خيار سوى إشعال حرب بقاء لا توجد فيها مساحة للمناورة أو الهدنة أو التراجع. ولكن على الرغم من هذه الأجندة الذاتية الواضحة والمباشرة للحرب، إلا أن انقلاب أكتوبر 2021 والتدخلات الخارجية من عدة دول وتربّص أعوان نظام البشير ، كلها شكلت أسباباً أخرى رئيسية ساعدت على الحرب وسارعت في إمكانية حدوثها، وقد تشكِّل عائقاً أمام أي حلول مستقبلية
لا تزال الخرطومُ تعاني... حرباَ بين الجيش وقوات الدعم السريع والشعب السوداني فقد الأمل في أن تشرق الشمسُ بعد على السودان، وبقي أمل بين الجانبين بعد إلقاء السلاح والانتباه إلى المعاناة الرهيبة التي يكابدها الشعب السوداني الشقيق
ونتساءل:
هل يمتثل المتحاربون لصوت العقل و يتعلموا الدرس من أزمات الدول المجاورة لهم التي طحنت دولهم ؟
وهل يقدرون دور الزعماء الذين ناضلوا من أجل السودان وحريته واستقلاله ؟
ومتى يدركون أن التاريخ يكتبه المنتصرون ؟!

اخر الأخبار